كان ياما كان..

[ياسر سالم]

لا شك أن القهر والكبت والإذلال والعنت، الذي حاكه لنا لعقود طويلة ساسة لا أيمان لهم ولا خَلَاق-؛ لاشك أن ذلك كان له من العواقب النفسية الرديئة؛ أبعادا وحشية، طغت على الضمائر، وطمست البصائر؛ أورثت في النفوس خضوعا وخنوعا وبلادة ودعة ، وأخرجت جيلا بل أجيالا أرهقها الذل .. تنام عليه ..وتصحو عليه
يتضاغون حرمانا من كل شيء عند أقدام ساداتهم وكبرائهم ..
ولما طال أمد هذ الفساد المستبد وتغلغل في النفوس الحيرى،. بات المستضعفون الأذلاء يكتفون بالتمني، ويحذرون أن يتفوهوا بما يتمنون، لسان حالهم :

إذا تمنيت بت الليل مغتبطا .:.
إن المنى رأس أموال المفاليس

وهذه المنظمومة المستبدة الآثمة المتسلطة، أنتجت رؤوسا تالفة، ونواصٍ خاطئة، يحملها مستبدون أقزام، إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ..
يمجدون الوالي، ويسبحون بحمده أناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يُرضي السلطان .
إنها الفئة المتسلقة التي لا تحسن ان ترتفع وترتفي إلا على رقاب العباد ..
يتِيهون أمام الجماهير زهوا فارغا، وعُلُوا مصطنعا، لكنهم - وبنفس القدر - يقفون في حضرة رؤسائهم خاشعين من الذل، ولا يملكون أن يهشوا الذباب من فوق أنوفهم، إذا لم يأذن لهم أسيادهم..
وقد عاينت نسخا بائسة من هذه ..

استمرأوا معاني الضعة والنذالة،والإستخذاء، حتى أصبحت لهم خلقا عليها يتكئون وبها يُعرفون ..
وقد يورث الذل إدمانها.. وحملوا الرعية على تعويض النقص الذي حصل لهم عند رؤسائهم، حملوهم قهرا على أن يفعلوا معهم ما يفعلونه هم مع أربابهم وسادتهم وكبرائهم ..

فأنتجت هذه الديكتاتوريات الوحشية شعوبا ركنت - في جلها - إليهم .. ومردت على السلبية المقيت، بأسوأ ما تحمل هذه السلبية من معاني الإنكفاء على الذات والملذات، والإنشغال بتحصيل أعراض الحياة الدنيا.
حملهم الخوف على القناعة بما يملأ الجوف،
فلم يبرحوا الأرض للفضائل ..
ينعق من فوق رؤوسهم غراب الاستخذاء :

دع المكارم لا ترحل لبغيتها .:.
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

إلا أولى بقية، يقفون على رؤوس السكك، وبأفواه مكممة وألسنة مبتورة؛ ينذرون ويوقظون ويحذرون ..
ولايزالون على الحق ظاهرين

ولأن روح الشعوب تمرض ولا تموت، وتعطب ولا تتلف؛ فقد تهيأت لمراد الله، وسرت في عروقها دفقة من كرامة، وهبت في ربوعها ريح من عزة،
انطلقت شرارتها في بقعة من الأرض، ثم لم تلبث قليلا حتى تجاوبت معها أصداء تشبهها، فانتفضت مذعورة
كما لو أنها كانت مُغيبة ثم استفاقت، وموهنة ثم نهصت.. وهدرت كسيل عرم ، لا يأبه بما لدى المستبد من انكال وجحيم ..
خلعوا كل العوائق التي كان تحد خطواتهم، وترسم وقع أقدامهم، لم يقفوا عند حد؛ بل جاوزا كل حد، وانتصروا على الكائنات المستخذية في داخلهم. تلك التي شيد المستبد اركانها فيهم .. زمحروا وانطلقوازوداسوا بأقدامهم كل شيء، ولم يترددوا في تمزيق كل ما كان محرما أن تلمسه أيدهم، أو أن تراه أعينهم ...
يزأرون في صعيد واحد بما أقضّ مضاجع المجرمين
يهتفون للظالم المستبد :

أبدا لـن تخنـق أمالـي
لن تبقى في وطني الغالي
سأحطـم يومـا أغلالـي
سيهزك بركـان نضالـي

تشبث الطغاة بسلطانه، وبطشوا جبارين
وصبوا على رؤوس الجماهير من النكال والجحيم والحميم
ما لا يخطر ببال الشياطين
استباحوا في سبيل استبقاء مجدهم الزائف المزور كل حرمة
ولم يقفوا عند محظور، بل قتلو وسحلوا وسفكوا وأهلكوا وأبادوا ..
ولكن هيهات .....
لم يعد صوت الرصاص يرعب !
ولم يعد منظر الراجمات يخيف !
ولم تعد أطراف السياط تلهب ... !

زحفت الجماهير كسيل هادر ذي أمواج مضطرمة
تحمل كل شيء في طريقها ..
تدمر كل شيء بإذن ربها لتكون للناس آية ..
حتى أغرقت في أحشائها فرعون وجنوده وما كانوا يعرشون
قوضت بنيانهم ومزقت أركانهم. فبقى الشعب .. وهلك الطغاة عن بينة.. (فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين)

أقر الله عيون المستضعفين
وأخزى أئمة الفساد والاستبداد من المتجبرين والمتكبرين
رحلوا في صغار كما عاشوا في استكبار
وكم تركوا بعد هلاكهم من آية،

كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)
وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)
وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28)
فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) ... الدخان
***

[حنان عبد الله]

نعم كم تَرَكُوا من عيون وزروع ومقام كريم ونعمة كأنو فيها فاكهين

أتساءل ألا يعتبر أمثال هؤلاء ممن سبقهم من ملوك كانوا أشد مِنْهم قوة ونفوذا
ألا يتسائلون عما آلِ اليه مصيرهم اخيراً ؟
سبحان الله
تحياتي أستاذ ياسر

[فاطِمة أحمد]

عوفيت أخي ياسر
أضم صوتي أن مكانها المقال أو أدب الرسالة
تحيتي وتقديري

[ياسر سالم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان عبد الله

نعم كم تَرَكُوا من عيون وزروع ومقام كريم ونعمة كأنو فيها فاكهين

أتساءل ألا يعتبر أمثال هؤلاء ممن سبقهم من ملوك كانوا أشد مِنْهم قوة ونفوذا
ألا يتسائلون عما آلِ اليه مصيرهم اخيراً ؟
سبحان الله
تحياتي أستاذ ياسر

حيا الله محياك استاذة
وبارك فيك ونفع بك ورفع قدرك. 🌿

[ياسر سالم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطِمة أحمد

عوفيت أخي ياسر
أضم صوتي أن مكانها المقال أو أدب الرسالة
تحيتي وتقديري

لابأس بالمكان المناسب لها
دائما أخطئ في تحديد المكان
ربما بسبب غيابي الطويل لم أعد أفقه أين أضع مشاركاتي
شكرا لتنبيهك وتحياتي لك