العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-09-2013, 04:03 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سعيد ماروك
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


سعيد ماروك غير متواجد حالياً


افتراضي فتى من العامرية -2-

-2-


- والله إني خائف من الرياضيات يا إبراهيم، انتظر منك المساعدة اليوم.
- اصرف نظر عن ذلك يا سمير،لن أعود معك إلى البيت، عندي أشغال.
أشغال !!! لم يسألني سمير عن طبيعة هذه الأشغال، أظنه موقن أنني أكذب، أنا فعلا كذلك.
أكملنا شرب فنجان القهوة الوحيد و المختار بن الزانية لما يزل يستشيط غضبا ، أظنه هو "البز" ما دام منشغلا بنا نحن "البز" على حد زعمه.
قام سمير و قال: " هيا لنعد".
- اذهب أنت، عندي أمور علي معالجتها.
- كفاك تلاعبا، هيا بنا ، لم يبق "للبيام" سوى يومين.
- اذهب أنت سأبقى هنا ريثما أكمل السجائر.
- وإذا سألتني عنك أمك؟
- "تروح تــ......." ، قل لها ذهب عند أبيه ، أو قل لها....... اسمع...... قل ذهب عند أبيه.

خرج سمير و بقيت وحدي جالسا على تلك الطاولة الصدئة رغم أنها من الخشب ، لا أفكر في شيء محدد، أشعلت سيجارة و ارتشفت آخر قطرات قهوة كانت مترسبة في قاع الفنجان الأجرب...فجأة خطرت ببالي فكرة الذهاب عند أبي...وقفت...ثم عدت جالسا، ألغيت الفكرة، أنا دائما أختلق الأفكار ثم ألغيها...كرهت أن أذهب عند أبي و لا أجده بالبيت ، فتستقبلني جدتي ، و تخنقني بضمها و شمها و عناقها المبالغ فيه...كرهت سماع كلمتها السرمدية، حيث كلما تفوهتُ بكلمة إلا نطقت " كيتي أنا!!"، من حسن حظها أن الله لا يستجيب لها و لا يأخذ بكلامها و إلا لكانت اليوم من فرط كياتها مكوية من كل جهة و لأصبحت فحمة جالسة القرفصاء لا تكاد تحط أردافها على البلاط ...و إذا حدث و كنت عندها و أخطأت ... مثلا يعني... اتجهت نحو المطبخ مع أني لم أكن أنوي الذهاب اتجاهه، تبعتني و قالت: انك جائع يا إبراهيم؟ آآه ، كيتي أنا!!!..
و تعود مسرعة إلى خزانتها الخاصة ،دون سماع ردي ،و تأتيني بحبتي خوخ، أو برتقال،أو موز، أو علبة بسكويت... دائما تجد عندها شيئا مخبأ.
و إذا قلت لها: لا أنا لست جائعا، دست الفاكهة أو أي شيء آخر في جيبي ، غامزة لي عاضة شفتها السفلى و هازة رأسها، كأنها تقول: أنا أعلم انك جائع و لكنك تكذب و تداري.

اللعنة !!! كم أكره من يتظاهرون أنهم يعلمون بما أشعر وأحس، و إن أردتم معرفة الحقيقة ،فأنا أمقت جدتي حينما تضمني و تقول "كيتي أنا.." و تبكي أو تحاول أن تظهر لي أنها تبكي ، مع أنني لم أر في حياتي دمعة من دموعها... أظنها تكذب مثل النساء الأخريات.
خرجت من المقهى..تحسست جيبي، لم يبق لي سوى سيجارة واحدة...مشيت و في طريقي سألت احد المارة عن الوقت، رد علي:" الخامسة و ثلاث دقائق"، ابتسمت في داخلي، أضحكتني "الثلاث دقائق"، لم أدر لِم أضافها...مشيت أقتل الوقت مثلما يقولون، إذ لم يبق للماتش سوى ساعة و سبعة و عشرون دقيقة... كنت أمشي و أقوم بعملية الطرح... الماتش سيبدأ على الساعة السادسة و النصف و الرجل قال لي أنها الآن الخامسة و ثلاث دقائق... الأمر واضح جلي إذن، لا يحتاج هذا إلى فطنة أو ذكاء.
فجأة لمحت رحاب عند بائع الايسكريم.

رحاب بن دالي، زميلتي في القسم، درسنا مع بعض منذ الابتدائي ، كنت أجلس إلى جانبها بداية العام غير أني غيرت مكاني، ليس لأنها بشعة أو سلعة قديمة أو شيئا من هذا القبيل، بالعكس، رحاب فتاة جميلة ، أكيد أنها ليست "انجلينا جولي"،ولكنها جميلة و ذات قوام ساكسي و ابنة عائلة و كل شيء، كل ما في الأمر أن رائحة فمها كريهة، صدقوني هذا هو سبب تغييري لمكان جلوسي في القسم.أذكر أنني كنت كل يوم اشتري علية لبان "اكسيون" ، و أتظاهر أنني افتح واحدة أمامها كي احفزها لطلب واحدة مني ، و هذا ما كانت تفعله ، رحاب لا تستحي من طلب حبة اكسيون، و كنت جد كريم في إعطائها ذلك.

المصيبة ، أنها كانت إذا كلمتني تقترب مني و يوشك وجهها يلامس وجهي وبالتالي أحس نفسها يتغلغل في خيشومي ، بل ينتشر عبر بلعومي و يستقر في معدتي فأحس رغبة في القيء، و ما كان يزيدني جنونا هو أنني لم أكن اقدر على فعل شيء، اقصد لم يكن باستطاعتي قول شيء، فمن غير المعقول أن أقول لأحد أن رائحة فمه نتنة، فما بالكم ببنت قالوا لها أنها جميلة. أقصى ما كنت استطيع فعله هو غلق أنفي بحركة أتظاهر فيها أنني احكه، أو أدير وجهي نحو اليمين، غير أني كنت أتضايق حين أدير وجهي يمينا زيادة إلى أن الأستاذ ابن الزانية كان يصرخ في وجهي " انتبه " ، وكم أكره أن يصرخ احدهم في وجهي لمجرد أني أدرت وجهي يمينا و كأن الدرس سيهرب أو كأنه يلقي علينا الدروس الربانية التي إذا ما أدرت وجهك يمينا و لم تنتبه فسيكون مصيرك جهنم.
غيرت مكاني و تراجعت للوراء بجانب زميل اسمه عكاشة ، عكاشة سنوسي أو بن
سنوسي...لا يهم.
لمحتني من بعيد، أشارت إلي ملوحة بذراعها أن آتي...قصدتها فرحا فربما دعتني لأكل الأيسكريم، وقفت ثلاثة أمتار عنها... نعم ، نعم أنا أبالغ أحيانا، اقتربت منها، كانت تلعق مخروط ايسكريم ابيض وردي، قالت:
- كيف الأحوال إبراهيم؟ هل من مذاكرة؟ شيء صدع رأسي في الرياضيات؟
اللعنة على هذه الرياضيات... واللعنة على رحاب، تطرح ملايين الأسئلة دفعة واحدة، ظننتها دعتني للأكل و إذا بها تسألني عن الدراسة و الزبل.
- صدقيني لم أبدأ بعد.
- أنت لم تبدأ؟؟؟؟ أنت دائما تقول هذا ثم في الأخير تفاجئنا و تتحصل على أحسن معدل.






هنا يضع القلم باقة ألق وصفاء تخرج على الدنيا الكدرة فتضيء رحابها وتفقأ دُمّل النكد الذي يشد القناع على عينيها.

يوميات الوجع و الحنين
  رد مع اقتباس
/
قديم 07-09-2013, 11:45 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
روضة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


روضة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: فتى من العامرية -2-

الأستاذ سعيد،، ربما بعض التفاصيل كذكرك نوع اللبان أو غيره قد تضر بالنص. سردك لطيف خفيف الظل ،كنت هنا وارشفت القهوة واشتممت رائحتها ورأيت تقاسيم وجه بطلك وهو يشكو الإختتناق من زميلته ويتذمر من رائحة صديقه وقد لفت انتباهي أن بطلك لا يعجبه شيء على الإطلاق :

تقديري وتشجيعي






  رد مع اقتباس
/
قديم 07-09-2013, 10:45 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
خالد يوسف أبو طماعه
عضو مجلس إدارة
المستشار الفني للسرد
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الاردن

الصورة الرمزية خالد يوسف أبو طماعه

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


خالد يوسف أبو طماعه غير متواجد حالياً


افتراضي رد: فتى من العامرية -2-

القراءة شيء جميل
واختلاف الذائقة تثري
النصوص من شخص لآخر
وهذا جمال بحد ذاته
ربما بعض التفاصيل تكون
ضرورية في سبك قالب الرواية
الرواية تحدث فارقا بينها والقصة
التفاصيل ثيمة يتكأ عليها النص أحيانا
وليس اغراقا في التفاصيل وحشو غير مبرر
جزء جميل ونتابعك أخي سعيد
تحيتي وتقديري






حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
  رد مع اقتباس
/
قديم 13-09-2013, 02:24 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
سعيد ماروك
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


سعيد ماروك غير متواجد حالياً


افتراضي رد: فتى من العامرية -2-

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روضة الفارسي مشاهدة المشاركة
الأستاذ سعيد،، ربما بعض التفاصيل كذكرك نوع اللبان أو غيره قد تضر بالنص. سردك لطيف خفيف الظل ،كنت هنا وارشفت القهوة واشتممت رائحتها ورأيت تقاسيم وجه بطلك وهو يشكو الإختتناق من زميلته ويتذمر من رائحة صديقه وقد لفت انتباهي أن بطلك لا يعجبه شيء على الإطلاق :

تقديري وتشجيعي
مرورك دائما يسعدني ايتها الأستاذة ، سآخذ ملاحظاتك مأخذ جد ، وفعلا بطلي لا يعجبه العجب و يكره الصوم في رجب.
تحباتي و مودتي






هنا يضع القلم باقة ألق وصفاء تخرج على الدنيا الكدرة فتضيء رحابها وتفقأ دُمّل النكد الذي يشد القناع على عينيها.

يوميات الوجع و الحنين
  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:06 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط