|
⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
28-02-2015, 08:14 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
تَتِمّة قِصّة الفتى المجاهِد.
تَتِمّة قِصّة الفتى المجاهِد
بِقَلَم يوسف قبلان سلامة إذ أخد كثيرون بالتّساؤل حول مصير يوسف، أو عذراً قارِئي العزيز، إنّه جهاد والغموض الذي لَفّ قضيّته وحبيبتهُ؛ ولا سيما عن مكان وجودهما الحالي بعد اختفائهما. نودّ أن نُطمئن الرّأي العام بأن ما وَرَدَ من أحداث في القِصّة السّابقة، لهو إثبات قاطع على وجودها لِما تضَمّنته من حقائق روحيّة، ستتجلّى مع مرور الزّمن والزّمان كَشّاف. وكما قالت الآية الكريمة: (ويسألونكَ عن الرّوح قُل الرّوح من أمر رَبّي وما أوتيتم من العِلم إلا قليلاً) ص:114 إذن كل شيء جائز إذا شاء الله ذلك. كان جالِساً مع رفاقه الذين شهدوا أحداث تلك الحرب العجيبة المُروّعة، وكانت علامات الدّهشة والإعجاب مرتسِمة على وجوههم، وكان شعوره اتّجاههم متبادلاً. وفجأة، جاء أحدهم حامِلاً بيديْه كأساً ماسيّاً وقال، لِجهاد: " أنظُر، إنّه إكسير الحياة الذي كُنْتَ تَذكُرهُ مِراراً في صلواتك، هيّا اشرب يا صديقي هيّا. قالها وراحوا يضحكون مهَللين بابتِهاج. تجرّع جهاد الكأس، وما هي إلّا لحظات حتّى شعر بالنّعاس، وقد صادف ذلك عند حلول الظّلام. ثمّ تَسَنّت له مُشاهدة طَيْفَ معبودته التي لاح وجهها من ناحية ما، خلف الأفق النّاري، وإذا بوجهها يبتَسم له كأنها صورة زئبقيّة في بلّور ثريّا! وجعل يقول أين أنتِ؟ أين أنتِ؟ بالله عليكِ أريدكِ مثلما أنتِ. لكن جسدها لم يَبْرُزَ. وكان يتساءل في عقله الباطن قائلاً، أين هي؟! وإذا بقوّة تفتح عين جهاد الرّوحيّة ليُشاهِد الشّيخ، صديقه، وقد وضِعَ في مأوى للعجزة، مأوى مُهْمل للدّرجة القصوى! لقد اشتدّ عليه المرض الجسَديّ، وإذا بِمُمَرّضتان تسندانه ممسكتان إيّاه بذراعيه. كان يُرَدّد اسم حبيبته التي كان طيفها يحوم حوله دائما مُذ فارقت الحياة. ثم شاهد جهاد نفسه على كوكب الأرض مع الشّيخ. كان الطبيب مع الشّيخ في الغًرفة، ما إنْ رآه الأخير حتّى احتضنه بحرارة. ثم صوّب الشيخ نظره إلى طبيبه قائلا بِهدوء: "إلام تدعو الأديان؟ أليس للمحبّة ونصرة اليتيم والمظلوم وعيادة المريض، أليس إلى السّلام؟ إذن مَن نحن أمام القوانين الإلهيّة الروحيّة التي نادت بها الأديان. فالله فوق الجميع، ورسالته في الأنبياء قاطِبة واحِدة." ثم نظر إلى جهاد مبتسماً بابتِهاج قائلاً: "أوصيك بالمحبّة ولا شيء سواها." وفجأة شاهد جهاد أفعى كانت تنظر إليهم عبر النّافِذة، وكان الشيخ قد رصدها بنظره الثّاقِب قال الشّيخ:"ما هذه؟" جهاد: "أنت تعرف يا أستاذي" الشّيخ: "اذهب وانظُر." ما إن توجّه للنّافذة حتى زحفت الأفعى مبتعِدة بأقصى سرعتها حاملة فتاة حسناء، عرف جهاد بالبديهة من هي. كانت الأفعى قد التهمت عنقها. فسقط أرضاً من الحُزْن. ثم شاهد جهاد من عَليائهِ مشهداً آخر وهو منظر الشّيخ الذي بدا كالشّاب البطل، وكان مًسَجّى في نعش، وقد شَعر بأن حرارة لاهبة كانت تخرج من جُثّة الشّاب. ثم شاهد نفسه واقفا بجوار طبيب الشّيخ في غًرفته في المستشفى، مُسْتَفْسِراً عن سبب حدوث هذا الأمر الرّهيب مع أبيهِ الرّوحيّ. أجاب الطّبيب بعد فترة من الصّمت العجيبة، إذ كان يقرأ مخطوطة طبيّة قديمة: "صديقكَ أيّها الأخ العزيز كان أسيراً." وإذ ذاك فَهِمَ جهاد كُلّ شيء. لم يتمكّن من إجابة الطّبيب بسبب الدّموع الغزيرة التي سالت من عَيْنَيْهِ، غاسلة وجهه. لكن فمه الذي تشنّج في تلك اللحظات القاسية جعل يردّد كلمة: الأعداء... الأعداء...، الأصدقاء الخوَنة... جهاد: "تُرى من الذي فعل به هكذا؟" الطّبيب: "عندما تُسْمَع كلماتك هذه، سيعرف الجاني نفسه. لا ترتَبِك، علينا بمسامحتهم، فالنّقمة لله عَزّ وجَلّ." فتح جهاد عينيه، ليجد نفسه في فردوسه مُجَدّداً. و لِعَيْن الدّهشة كان الشّيخ مُسْتَلْقياً بجانبِه، فاحتضنه احتضاناً حارّا مؤثّراً وسط بكاء ممتزج بصرخات كصرخات النّصْر. فقد تَمّت صداقتهما روحيّاً في السّماء. قال الشيخ: "أسمع أنغاماً موسيقيّة." جهاد: أجل إنها أنغام السّماء التي لا تُدْرِكها نغمة أرضيّة..." تَمّت والحمدلله. |
|||
12-07-2015, 02:40 AM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: تَتِمّة قِصّة الفتى المجاهِد.
القبلان الجميل
ماهر في السرد وحبكه كل الود |
||||
12-07-2015, 01:02 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: تَتِمّة قِصّة الفتى المجاهِد.
إلى عميدنا العزيز والأديب القَدير زياد السُّعودي المُحْتَرَم،
تقديرنا الدَّائم لِحضورك المُبارَك الذي لا يَحْمِل إلَّا كل ما هو جميل وقيّم، ويُنير متصفّحاتنا بكل ما هو قيّم. أدامَكُم الله ذُخْراً لنا ودام عطاؤكم. أخوكم المُخْلِص، يوسف ق. سلامة |
|||
12-07-2015, 01:06 PM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: تَتِمّة قِصّة الفتى المجاهِد.
اقتباس:
أمَّا قولكم عن المُباشَرة في السَّرْد، فنحن نَعْتَقِد أَنَّه أمر هام جِدَّاً، ومسؤوليَّة هامّة على الكاتِب، فهو، أحياناً، مُضطَّر لِوضع إصبَعه على أي جرْح اجتماعي وإظهاره كعين الشَّمْس؛ أي فَضْحِه، وما ذلكَ إلَّا للتَّقويم الأخلاقي. وعلينا ألَّا نستثني التَّوضيح إن رأينا ذلك ضروريَّا. وشُكراً. |
||||
13-07-2015, 12:03 PM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: تَتِمّة قِصّة الفتى المجاهِد.
مرحبا أديبنا الخلوق جدا يوسف قصة جميلة طبعا وعميقة جدا
كل عام وأنت بخير |
||||
13-07-2015, 08:14 PM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
رد: تَتِمّة قِصّة الفتى المجاهِد.
إلى أديبتنا وأستاذتنا العزيزة روضة،
سلام الله، وتحيَّة طيّبة من الأعْماق، وشُكْر وتقدير لحضورك الكريم الذي لا يُغْدِق علينا إلَّا كُل ما هو بَهيّ وجميل وصادِق. تقديرنا واحتِرامنا ومَحبَّتنا الصَّادقة لحضرتكم، كما دائماً. أخوكم المُخْلِص، يوسف ق. سلامة |
|||
|
|
|