|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
13-04-2011, 01:57 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
نصيب الملائكة
نصيــــــب الملائــــكة فدوى متوسّطة الجمال أو ربّما أكثر, نصيبها من الحسن مع نظراتها البّراقة المتطلّعة و خبرتها الرّاقية بالعواطف جعلتها مجتمعة فيها أكثر إغراء ممّن هنّ أجمل منها. كان بداخلها بركان من الرّغبة العنيفة في فرحة الحياة و الانطلاق. حرمانها من طفولة طبيعية في ظلّ أبويها بسبب الفراق ربّما هو أصل لهفتها على العطف و الدفء و الاستزادة منهما. ارتبط بها زوجها عن محبّة و هيام, تفطّن بعد مدّة إلى أنّه ليس في حياتها سوى كأس لا يمكنه إطفاء كلّ ضمئها, اصطدما أكثر من مرّة. أخيرا استسلم إلى مشيئتها. أغرق همّه في صمته. لم يفكّر حتّى مجرّد التّفكير في الانفصال عنها: رغم شقوتها فيها شيء من الملائكية. فدوى لم تكن سهلة المنال أو بضاعة عادية, لها ذوقها, لها أحلامها و لم تكن تسبح في كلّ البحار. إنّها ضعيفة مع قلبها فقط و لا تستجيب إلاّ إلى النّداءات التي بداخلها. رأيتها أوّل مرّة و لم أشكّ في أنّها آنسة, ضحكت عليّ إحدى قريباتي و أعلمتني أنّها متزوّجة, كان ذلك يعني في نظري أنّ بينها و بين الآخرين سورا. لم تهتمّ بي إلاّ عندما أصبحت طالبا, كانت من بين المهنّئين. بريق عينيها و ابتساماتها أشعرتني أنـّها فرحة حقّا بنجاحي سألتني عن المستقبل و آفاقه, أجبتها و أنا أتردّد بين خجلي و رغبتي في التبــسّط مع امرأة شابّة.ركّزت عليّ أكثر فأكثر، أصبحت بعد مدة اكثر جرأة على النظر في صفاء عينيها. كنت انظر إليها كثيرا و أسألها كثيرا. أسئلتى المحيرة المعلقة وجدت أخيرا من يجيب عليها. لم يكن علاء الدين و علي بابا وهما يكتشفان كنوزهما اكثر انبهارا مني و أنا أتطلع إليها وهي تهمس لي بأجوبتها. تسخر أحيانا من جهلي فتستفزني لان اسألها اكثر. أغرتنى صراحتها و شجعني تبسطها فوصلت إلى منطقة الظل : قلبي البكر و سنين الدراسة الطويلة و مطالعاتي الكثيرة علّمتني أن الحب واحد مثل القلب وأنّ الوفاء للحب الأوحد هو القاعدة و جعلتني أعتقد أن وفاء الزوجة لزوجها أمر حتمي. فدوى لم تكن تمثل في نظري أي شيء من ذلك. كنت أتصور أن في حياتها وحشة و غربة. أصبحت تحيرني حقــا. أردت أن اعرف الحقيقة من مصدرها. سألتهــا يوما : " هل أنت سعيدة ؟ " ابتسمت لي و شعرت بنظراتها اكثر بريقا تخدرني. قرّبت خدها من فمي و رغبت في أن اقبلهــا. فاجأتني اختلطت الأوراق في تلك اللحظات السريعة. أفلتت مني جميع الحسابات لم أدر أن كانت فهمتني أو أساءت فهمي أو تتحداني فقبلتهـا. سألتني بدورهــا : " هل أنت سعيد ؟ " أجبتهـا و أنا أغالب خجلي و اضطرابي : " نعم ! " فأضافت : " حتى أنا ! " لم تقنعني يومهـا بل نقلت الي عدواهــا. كانت تنسج صدارا من الصوف بيديها. اصبح من كثرة اهتمامها بإتقانه لغزا يحيرني. ماطلتني. تمنعت من إجابتى و تحصنت بابتسامات غامضة. ربما هو الحرج. ربما هو الدلال و التلــذد بإخفـاء سرّهـا. الافتخـار و حده الذي يفضحها مهما طالت مـدّة سكوتها. عندما تتباهى بعلاقاتها المختارة تكشف واعية أو لا واعية سرهــا و هي مسرورة. ترى، ماذا كان يجذبها إلى عجوز من جيل جدي ؟ ربما وجدت عنده تعويضا عن حب أبوي افتقدته منذ الصغر. كنت أمسك بيدها و أدير خاتم زواجها حول إصبعها تتملكني أحيانا رغبة محمومة في أن انزعه و القي به بعيدا. كانت دلالته تبدو لي في تناقض مع ما هو موجود فعلا. نشازا. تثبته في مكانه و تقول لي وهي تتصنع الاحتجاج : " مالك وله ؟ هل أقلقك ؟ " خاتم زواجها أحد أسلحتها و علامة من علامات السور الذي يحميها من ازدواجيتها. أراد أحد كهول الحي أن يجرّب حظّه معها. حظّه سيئ , لم تتجاوب معه. لم يفقد هو الأمل. ألح ّعليها فشنّعت به. وقف في صفّها كلّ من سمع بالواقعة : هي متزوجة ! في عصمة رجـل كيف يتطفّل عليها و يعاكسها ؟. مسكين ذلك الكهل المهزوم المحروم، مسكين أنا الذي تجاوزت السور، مساكين الذين يدورون في فلكها ولا أعرفهم، مسكين زوجها. تنتابني أحيانا رغبة مسعورة في أن أطهّرهـا من كلّ علاقاتها و من زوجها أيضا لأخوض ثورة في وجودها. تأزّمت، امتزجت في قلبي الغيرة بالشعور بالذّنب و المثالية بالصدمة من الواقع الغريب. خلق فيّ كلّ ذلك توتّرا دائما فلم أعد أجامل. تركتني فــدوى يوما ألومهـا وأعظها ثم مسحت على رأسي و قالت لي في حنوّ : أتصور أحيانا أنك ابني ّ" مرة أخرى صمتت و تفطنت إلى أنها تبكي . كانت وحشتي من دموعها الغامضة أقسى عليّ من كلّ الغرائب الأخرى. كان أحد الجيران يعمل باللّيل, لمّا رجع في الفجر وجد غيره في الفراش بجانب زوجته, لم تحتمل مكانه الفارغ و مخدّته الباردة فخانته, اشتعلت جميع الأضواء الحمراء في الحيّ و البلدة. انطبع في الوهم الجماعي أنّ كلّ امرأة متزوّجة تكلّم شابّا هي لا محالة ستسوقه إلى فراشها, بكت أمّي من همسات بعض الجارات و عبّر لي أبي عن مخاوفه من علاقتي بامرأة متزوّجة. لم أتأثّر بالرّأي العام, لكن فدوى هي الّتي لم تنجح في الاحتفاظ بي, شعرت بأنّي مجرّد يوم من أيّامها السّعيدة و فرحة في مسلسل أفراحها و قطرة في مسبح قلبها, لم أتحمّل ضياعها فابتعدت عنها. اكفهرّت السّماء يوما, امتلأت بسحب داكنة مخيفة و قصف الرّعد, كانت فدوى تفتح باب منزلها عندما نزلت يقربها صاعقة. حدّقت في نورهـــا السّاطع و صاحت. امتصّ نور السّماء نور عينيها فاختلّ بصرها و بخّرت حرارة الصّاعقة ماء وجهها فذبل جمالها. لم أحـاول أبدا رؤيتهـا على تلك الصّورة, أتذكّرهــا فأتأسّف على بــريق عينيها و ابتسامتها و رقّتها و أقول :" ربّما أراد الله بذلك إنقاذ نصيب الملائكة فيها ! ". |
|||
13-04-2011, 06:32 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
أخي محمود: لك نصيب من الملائكة كما كلنا لكن هل ننقذه أم لا ذلك يقاس بما نقدم من أعمال كتابتك تشدني دوما لأنك تكتب من أجل رسالة سامية هي الارتقاء بالذات الإنسانية تكتب بمشرط يؤلم لكنه يروم الدواء شكرا لروحك التي تمنح أرواحنا بهجة الإبداع الإنساني أمواج محبتي |
|||
13-04-2011, 07:10 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: نصيب الملائكة
الأديب الغالي محمود أبدعت في وصف نفسية فدوى وأعتدنا بسلاسة إلى طفولتها حيث عندها لم تروى من الحنان كما يجب فحل الكبت والإنفلات قصة سلسة بسيطة اللغة متفردة لا تشبه أحد لكن عمقها يستوقف سلام على فكرك النير وإنسانيتك المميزة ورؤاك الإشراقية دمت من ألق إلى ألق تحياتي |
||||
25-04-2011, 01:32 PM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: نصيب الملائكة
اقتباس:
أخي العزيز جمال : سعيد جدّا ببهيّ حضورك و مواكبتك , مبتهج برائع قراءتك و ثريّ تعليقك . شكرا جمال على تشريفي بالعناية و دمت جميل الروح و الحضور مبدعا و قارئا . مودّة لا تنتهي . |
||||
03-05-2011, 05:46 PM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: نصيب الملائكة
جذبتني قصّتك من اول كلمة الى آخر كلمة
وانفعلت مع الاحداث وتألمت كثيرا كم هي متقنة ومغزولة بأسلوب مبهر غاية في التشويق اديبنا القدير والمبدع محمود مليكة احييك على روعة قلمك واسلوبك الغاية في التميّز تقبل مروري مودّتي وورودي أميرة الإحساس
|
||||
11-05-2011, 10:58 PM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: نصيب الملائكة
سيدي الفاضل -قصة جميلة -كل انسان لديه جزء ملائكي بداخله- ولكن هو ميت بداخل بعضنا وحي في البعض الاخر
ربما هنالك قررات في حياة الانسان يتخذها في لحظة ضعف ويندم عليها - وايضا هنالك رغبة داخل الانسان نحو الممنوع والحماية من كل ذلك هو الضمير والقناعة -لك مني الف الف تحيو وسلام
|
||||
06-08-2011, 09:15 PM | رقم المشاركة : 7 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
العزيزة روضة :
هنيئا لي قراءتك المتعمّقة للقصّة و احساسك الأنثوي بمعانيها و بمعاناة فدوى بطلتها . شكرا أختاه على كريم عنايتك . |
|||
07-08-2011, 02:56 PM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
رد: نصيب الملائكة
قيد بقية تواصلاتكم سيدي
|
||||
09-08-2011, 10:17 PM | رقم المشاركة : 9 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
شكرا عبير على القراءة و الاثراء .
|
|||
09-08-2011, 10:18 PM | رقم المشاركة : 10 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
سعيد بك شروق هنا و شكرا على الاثراء .
|
|||
09-08-2011, 10:19 PM | رقم المشاركة : 11 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
شكرا زياد على العناية .
|
|||
10-08-2011, 03:44 AM | رقم المشاركة : 12 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
الاديب الاستاذ محمود مليكة
كانت شفتاي تهتز وترتجف مبتسمة تارة ومتاثرة تارة اخرى رغما عني بقصتك الرائعة وكأني قرأت في نفسك لو انت الذي تملك فدوى لجعلت حياتها امتع واروع من الحياة التي صورتها مع زوجها وكنت لها الحبيب المحافظ على قيمتها النفيسة التي استكثرت بها على زوجها وكأن لسان حالك يقول لو كنت انا |
|||
10-08-2011, 05:04 AM | رقم المشاركة : 13 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
اخي ... الاستاذ الراقي .. محمود مليكه ....
نص يتملك القارئ من الكلمات الاولى يدهشه نهايته ... يتركه للاطراق ... شكرا لك ... على الدهشة والاطراق ... احترامي ومودتي |
|||
10-08-2011, 01:29 PM | رقم المشاركة : 14 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
السلام عليكم
قصة محكة البناء جاءت بأسلوب سلس هي الفوضي التى تعيشها فدوى من جعلت شخصيتها هكذا او ربما الحرمان العاطفي من الواليدين ؟؟ وربما وربما تجمعت الاسباب والنتيجة واحدة لكن رحمة اليد الالاهية كانت ألطف رغم صعوبتها خالص تقديرى أستاذ مليكة |
|||
11-08-2011, 02:33 AM | رقم المشاركة : 15 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
العزيز رامي :
سعيد بك بيننا في فينيق الإبداع و المودّة و أسعد بقراءتك لي و بثراء مواكبتك لقصّي . هو ذلك أيها الفاضل , كم نتمنّى أحيانا لو كنّا مكان الآخر حتى نسعد غيرنا أكثر و حتى يكون وجود الجميع أسلم و أحلى . كلّ الشكر لك رامي و التشجيع . |
|||
11-08-2011, 02:39 AM | رقم المشاركة : 16 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
العزيز محمد :
سعيد بك هنا أيها الوفيّ و ممتنّ لقراءتك المثرية لنصّي . يبهجني تفاعلنا و تواصلنا فليدم الودّ و الإثراء . كلّ التشجيع لك و التقدير محمّد . |
|||
11-08-2011, 02:57 AM | رقم المشاركة : 17 | ||||
|
رد: نصيب الملائكة
نص رائع استاذ محمود مليكة
|
||||
15-08-2011, 03:17 AM | رقم المشاركة : 18 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
الأستاذ محمود
قصة ممتعة ,استطعت باقتدار الغوص في ذات فدوى المضطربة لتصوغ نصا أنيقا وجذابا فالنفس كالبئر أحيانا يثور بمكنوناته سلمت يمينك |
|||
15-08-2011, 09:59 PM | رقم المشاركة : 19 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
العزيزة ليندة :
سعيد بحضورك و براقي مواكبتك لقصّي . شكرا لك أختاه و لك تقديري و مودّتي . |
|||
15-08-2011, 10:04 PM | رقم المشاركة : 20 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
العزيزة راندوانا :
أنت الأروع أيتها المتألقة . بمزيد التوفيق لك أختاه و جميل الحضور . |
|||
31-08-2011, 01:13 AM | رقم المشاركة : 21 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
العزيزة فاطمة :
سعيد بمواكبتك لقصّي و شكرا على جميل تعليقك و ثريّه . أرجو أختاه دوام تواصلنا الإنساني و تفاعلنا الإبداعي في الفينيق الحميم . مودّتي و تقديري . |
|||
26-05-2014, 07:12 PM | رقم المشاركة : 22 | ||||
|
رد: نصيب الملائكة
تليـــــق بها الواجهـــة
ويليـــــق بها الضــــوء فــ الى التحليــــــق وود يليـــــق
|
||||
04-06-2014, 02:25 PM | رقم المشاركة : 23 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
جميل جدا الأديب
محمود مليكة عندما يمتلئ المرء بالجمال يكون راقيا حتى في رحيله ليظل ما ألفه ومابناه بوجدانه ملائكيا كما ذكرت لايشوه الصور بعدما امتص ألوانها تلك هي ملامح الذي يكتب ليقرأه الآخر لا ليفشي حساباته أمام القارئ دمت مبدعا تستحق قلما لامشرطا مودتي لنصفك الملائكي الذي أنطقته |
|||
05-06-2014, 05:27 PM | رقم المشاركة : 24 | |||
|
رد: نصيب الملائكة
القدير محمود
جذبنا النص فكرة تعبر عن ظاهرة الزوجات اللواتي يتزوجن رجال باعمار آبائهن تفاوت في طريقة التفكير و احيانا عدم القدرة على اشباع الرغبات للآخر النتيجة قد تكون سلبية و يتخلى الانسان عن ملائكيته و يبحث عن من يمكنه تعويض النقائص فكرة انسانية اعتقد يرافقها اللوم لمن يتزوج فتاة بعمر احفاده احترامي |
|||
28-09-2015, 03:39 PM | رقم المشاركة : 25 | ||||
|
رد: نصيب الملائكة
قصة تستحق اكثر من قراءة
تحية تليق بشاعرنا الأنيق وكل عام وانت بخير ودّي ووردي
|
||||
|
|
|