|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-03-2017, 06:31 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
زوروني كلّ سنة مرة...
زوروني كلّ سنة مرّة..
نامت الدّنيا ذات شتاء في قناديل الشّوارع المطوية بين أجنحة المدينة ... تلك الشّوارع التي كتبها إلهام السّنين الماضية بيوتا تطلّ على الدّنيا بشرفات تحمل أواني الونرد و تيجان الياسمين و أهداب اللّبلاب و تتثاءب في دروبها بأبواب خشبية تقابلت ، تجاورت ... تكاتفت لتنسج بكلّ الحبّ حارة ... لا حائر فيها غير الجمال ... جمال النّفس الكريمة و الطّقوس القديمة ... لا حائر فيها غير شذا كؤوس الشّاي المعبّقة بلثم وريقات النّعناع ... تتوسّط جموع جُلساء من زمن وردي*** ... تاهت الأحقاد في طيبة قلوبهم و غرقت الكراهية في لجّة حبٍّ ممّا يحملون ... و ذابت الصّراعات و النّزاعات في فناجين قهوة جذلى في غيبوبة من حبّهان . نامت الدّنيا و سكنت الخطوات و تجرّدت من بهائها الشّرفات و ما بقيّ من تلك الحياة التي كانت غير أطلال تحكي و تبكي ... كانوا هنا ثم غادروا ... غيّبتهم أبراج المدينة و ساحات المدينة و أجراس المدينة... لم يبق من أهل المكان الذي كان غير عجوز بلغت من العمر عُتيّا ... و لكن ظلّ قلبها بهواها الذي كان نديّا ... لازالت تأنس إلى القنديل ... لازالت تنكت تراب أواني الورد ... لازالت تغنّي للصّباح مع قهوتها على كانون من جمار ... لازالت تحكي و تتذكّر ... و لكن هذه المرّة شعرت بقسوة في أنفاس الشّتاء و ضعف في البصر و وهن في القدمين و خدر في اليدين ..هذه المرّة لم تقوَ على مجاراة نحيب الريّاح التي أقتلعت جناح إحدى نوافذها ... لم تقدر على رطوبة غزت الجدران و نخرتها ... بل و تسلّلت إلى رئتيها لتحرمها غفوة الدّياجير الباردة فيهزّها السّعال ليجرّعها السّهاد ثم السّهاد ... تعِبتْ .. كَبُرتْ ... ارتجفت ... تزلزلتْ ... حينما اكتشفت وحدتها و غربتها ليس عن المكان و لكن عن ملامح الزّمان ... تأتيها الحمائم كلّ صباح تحطّ في الشّرفة لتطلق الهديل رسالة للّقاء و تطرق زجاج النافذة بجناحيها تبحث عن حبّات البُرّ ... فلا تجد غير الهدوء و السّكون و الجفاء ... جافتها العجوز المدثّرة بالبرد و العلّة و الوحدة ... من سيرسل أنّاتها تلك الموجوعة إلى بشر وراء أزقّة الحارة الآيلة للانهيار ... من سيخبرهم أنّ هناك بين أضلاع الماضي أسطورة تمّحي ببطء من سيحكي للدّفاتر و القلوب حكاية التي عشقت المكان حتى أضحى حيّا في عينيها في مسامعها تحت خُفّها ، في لمسات يديها و لهفة روحها إلى الرّجوع كلّما سافرت ... لتعود سيل شوق للجدران و الأرصفة و الحجارة و المئذنة و الطّريق من سيخبرهم أنّها تغفو غفوتها الأخيرة من سيرسم آخر دمعاتها تشقّ تجاعيد حفرَتها أيامّ من بهاء ... لا أحد ، لا شيء سيخبرهم ... أمّا الحمام فبقيَ يزور المكان حتى تغلغلت مخالب الجّرافات تقتلع الرّماد لتشيّد الفنادق و الملاهي و ما علم النّاس أن رفاتًا من صبابة عبّقت الحجارة و الثّرى.... |
|||
17-03-2017, 09:31 AM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: زوروني كلّ سنة مرة...
{نامت الدّنيا و سكنت الخطوات و تجرّدت من بهائها الشّرفات و ما بقيّ من تلك الحياة التي كانت؛
غير أطلال تحكي و تبكي ... كانوا هنا ثم غادروا ... } ولا تبقى الدنيا على حال ؛ فهذا هو حالُها... ولكن: يبقى حرفُكِ الذي يكتُبُها فريدَ الجمال وفِكرُكِ الذي يلضُمُ خُيوطَها بِسنَّارةِ الخيال ويُبدِعُ لنا مِنها مِعطفًا خُرافيًّا و شال |
|||
19-03-2017, 03:11 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: زوروني كلّ سنة مرة...
اقتباس:
نعم الدّنيا لا تبقى على حالها لكن يبقى الطّيبون ... مرورك ربيع تزهر به القفار ... سلامي المختوم بعبق الجبال و قد لبست الربيع كسوة و النور حليّا ... |
||||
21-03-2017, 07:03 PM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
نامت الدنيا لتسفيق من غفوتها على هدير الاقتلاع
للماضي المتمثل بالأحياء الثديمة من المدينة.. المدينة ستفقد ذاكرتها، وفاقد الذاكرة ضائع تائه منقطع عن ماضيه، مستقبله مترنحٌ بعرج بائن لا يخفى على ذي نظر.. خاطرة جميلة منسوجه بأدبية احترافية .. دمت بكل إبداع وتميز تحياتي
|
||||
23-03-2017, 07:31 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
حالمه في بساتين المدينة
والذاكرة خانت الاقواس وزرعت حنين مخبئ في ثنايا القلب هنا تكمن المعرفه في ثنايا النص الموغل ترصيد الحياة الابية ابداع مميز تقديري واحترامي |
|||
24-03-2017, 10:20 PM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
رد: زوروني كلّ سنة مرة...
سرد ثري ماتع يتتبع قضايا انسانية ومؤلمة تتهاوى فيها الجدران المعتقة وتعلو واجهات الزيف وتندثر العراقة
دمت بكل خير |
|||
24-03-2017, 10:45 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
اقتباس:
شكرا لمروركم العطر و قراءتكم الثرية... |
||||
24-03-2017, 10:47 PM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
اقتباس:
نشكر لك حضورك الجميل... |
||||
24-03-2017, 10:49 PM | رقم المشاركة : 9 | |||
|
رد: زوروني كلّ سنة مرة...
شكرا أستاذنا و دمتم بخير و ممتنة لحضوركم البهي...
|
|||
25-03-2017, 12:25 AM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
رسالة النص محترمة جدا جدا ونبيلة
اعتمد النص على التساؤل لتوصيل الفكرة وما انتاب الشخصية البطلة لغة طيبة وبالاجمال نص طيب بقي هنا أن نحتكم لميزة مهمة في القص وهي الدراما، التي كانت خافتة والتي من شأنها أن تزيح أي نص مهما بلغ من جمال من تصنيف القص إضافة للتكثيف والوحدة ينقص النص حسب رأيي الشخصي حدثا يعقد أو يوتر أجواء النص لشحن التعاطف وتوريط القاريء أكثر بمتن النص رأي شخصي ليس أكثر تقديري الكبير لجميل سردك
|
||||
25-03-2017, 12:35 AM | رقم المشاركة : 11 | |||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
صور رائعة مررت بها من خلال تجوالي بين زوايا
الماضي والذي هيمن على أوصاله الآن كل ما هو خارج عن المنطق والمعقول ويبقى الحب هو الشاهد على ما كان وكان وتبقى القلوب الطاهرة في ذاكرة الزمن لا تغيب سردية جميلة بكل تفاصيلها وملامحها تقديري العزيزة دليلة ومحبتي |
|||
25-03-2017, 02:29 AM | رقم المشاركة : 12 | ||||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
اقتباس:
أعتقد أنّ النص آهل بالجانب الدرامي الملائم لسير الأحداث، و لا أظن أبدا أنّ قصة تلك العجوز ستحاج إلى وسيط وجداني إلى انفعالات القارئ أكثر من حضور الحمام و عشق المكان. مشكور لحضوركم الرائع عظيم التحايا |
||||
25-03-2017, 02:33 AM | رقم المشاركة : 13 | ||||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
اقتباس:
كلما حضرتِ بمكان شعرتُ برقّة تسيل رهافة في ثنايا المكان. كم أن مشاعرك تتّقد سحرا كجناح فراشة. عظيم التقدير و جميل المحبة |
||||
22-04-2017, 06:33 PM | رقم المشاركة : 14 | ||||
|
رد: زروني كلّ سنة مرة...
اقتباس:
عظيم التّقدير و الاحترام |
||||
27-04-2017, 08:33 AM | رقم المشاركة : 15 | |||||
|
رد: زوروني كلّ سنة مرة...
اقتباس:
سرد مدهش ومؤثر جدا ووصف دقيق
وقفلة موجعة .. من الطرق بأجنحة الحمام على زجاج النافذة الى مخالب الجرافات تقتلع الرماد .... مؤلم هذا الواقع الذي نعيشه ولا نملك تغييره... أديبتنا المكرمة دليلة بونحوش دمتم ودامت الروح محلقة احترامي والتقدير
|
|||||
30-04-2017, 10:39 PM | رقم المشاركة : 16 | |||
|
رد: زوروني كلّ سنة مرة...
و لكم عظيم التحايا و وافر التقدير .
|
|||
30-04-2017, 10:40 PM | رقم المشاركة : 17 | ||||
|
رد: زوروني كلّ سنة مرة...
اقتباس:
أجمل التحايا و عظيم التقدير |
||||
|
|
|