العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > 🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘

🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘ موسوعات .. بجهود فينيقية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-01-2010, 09:25 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


زياد السعودي متواجد حالياً


افتراضي سلسلة ضوء الشاعر جوتيار تمر على نصوص فينيقية "زياد السعودي"



1
النص : زفرات الفاكهة للشاعرة ضحى بوترعة / تونس
--------------------------------------------------------


زفرات الفاكهة
صباحا.......
يلهو القلب
ويكون بقعة ضوء في نصّ الغواية
في دوائر الجموح ليعيد احتفالات المعنى
للعشّاق.......
كنت أستعيد خطوة تقتنص ظلّك
وأروّض حاسّة الشّم لأقتفي الألوان التي أنت فيها
هل يستحّم التّراب بخطوة في القصيدة
بأبجدية النّبض في العبارة....
هل تستعيد ريحها
ويسكن لفح الأغاني أحداقها في سقف الشّهوة
سوف أكون في رائحة خطى اللّغة لأقطع أنامل الفراغ
الّتي مزّقتني.....
وبأكثر جرأة أسكب غيمة في نومها
وأصحو على وقع خطاها
أروّض الخلود في وجهك..................
وأغطّي ضفّتيك بالفواكه.........



[align=center][/align]


زفرات الفاكهة
أهي في الاصل زفرات، ام هي توهيمات، وكلاهما في الواقع يفتح ثغرات لايمكن الوقف عند ظاهرها، انما توجب الغوص، وهي بذلك تشكل مساحة الرؤية التي عند الشاعرة، والتي توجب على المتلقي ان يتبعها ليصل الى مدركات الصورة ومعلومات الدلالة، الزفرات مصدرها معلوم، والفاكهة هي اشبه باحجية مفككة، لاتعقيد فيها.


صباحا.......
يلهو القلب
ويكون بقعة ضوء في نصّ الغواية
في دوائر الجموح ليعيد احتفالات المعنى
للعشّاق.......


هل يعقل ان تبدأ شاعرة متمرسة نصها بدلالة وقتية محددة دون ان يكون لها غرض من وراء ذلك، خاصة ان تكون هذه الشاعرة ضحى، الجواب لن قطعياً بقول نعم او لا، لكنه سيوجب علينا ان نعرف لماذا هذه المباشرة الوقتية، لعل الامر لايتضح الا من خلال تتبع سيرة الصباح عند الشاعرة نفسها، ونحن بذلك نجعل نصها هذا امتداد طبيعي لفكرها ولرؤاها التي تزخر نصوصها بهما، فالصباح هنا انما جاء ليؤكد مقولة التتبع الذهني لدى ضحى، حيث كل شيء عندها له قيمة، والصباحات لها في نفسيتها اثر لكونها تزيح ستار ليل مثقل بالوحدة، وهذا ما يجعل الصباح عندها فسحة جديدة للقلب ولكن على مساحة تختلف تماما عن المساحة الليلية المثقلة، فيغدو القلب تلك البقعة الفتية المحملة بالغواية نفسها لينغرس في آفاق تخرج من دائرة الفردية الى جموع تتشابه وتتغاير في آن واحد.

كنت أستعيد خطوة تقتنص ظلّك
وأروّض حاسّة الشّم لأقتفي الألوان التي أنت فيها
هل يستحّم التّراب بخطوة في القصيدة
بأبجدية النّبض في العبارة....
هل تستعيد ريحها
ويسكن لفح الأغاني أحداقها في سقف الشّهوة


استعادة الكينونة من خلال ترابط ذهني ووجداني داخل نص واحد امر ليس بسهل، لكن اذا ما اقتضت الضرورة فانها تصبح اداة مكملة للذات الشاعرة التي تبغي تحقيق رؤاها ضمن اطار اكثر واقعية، وبحضور اكثر وضوحاً للحواس، وهذا ما تتجه اليه الشاعرة من خلال توظيفها اللغوي الدلالي البلاغي، وقد اقنعت الشاعرة بذلك بحيث حولت الرؤية التي بدأت بها من حالة ضمنية، داخل اطار شمولي، لتصبح ذاتية واضحة، فالجموع والعشاق كانا من ضمن دائرة الذات، لكنها في (كنت) تحولت الى محض فردية باعثة، ولنتمعن معا المفردات هذه( كنت- خطوة- ظلك-لأقتفي..) حيث سندرك قيمة المنولوج الداخلي الذي اثر على الشاعرة بحيث اصبحت تحفر عميقاً في كينونتها، لتمنح الجواني الى الاخر المكمل لها، وتستعين هنا بمعجمها الشعري لتمنح النص مساحة اوسع مما تبدو عليه، فتقحم التساؤلات لتثير بذلك ذهن المتلقي، وليصبح التأويل امراً لايكتمل الا بترابط الخيوط اللغوية والصورية معاً.

سوف أكون في رائحة خطى اللّغة لأقطع أنامل الفراغ
الّتي مزّقتني.....
وبأكثر جرأة أسكب غيمة في نومها
وأصحو على وقع خطاها
أروّض الخلود في وجهك..................
وأغطّي ضفّتيك بالفواكه.........


ولاستكمال رؤيتها تلتحم الشاعرة كلياً بالكلمة،وعندما يتحصن الشاعرة بالكلمة والكلمة بالشاعرة حيث يتم الالتحام بامتشاق جريء تتوافر حينها معاني الابداع وهذه المعاني كلها تكملة لاسم الشاعرة ولصيرورتها، وانها بالطبع ليست الحاقاً بل انها القسم الحي اللصيق بالقلب والوعي وحيث لامجال للانفصال فالقصيدة هي الضرورة بالنسبة للشاعرة، وعلى هذه الشاكلة تجبرنا القصيدة على التوغل في ماوراء الكلمة، لكي نعي وندرك ماهية التوظيف الدلالي، وقد برهنت الشاعرة من خلال لغتها على اهمية الالتحام ونجد في توجهها اللغوي المؤكد على الحضور الذاتي المكثف ( سوف أكون) ما يزيح الكثير من التساؤل على غرضية الالتحام، وتفتح الباب امام تساؤلات متممة للرؤية التي تبنتها الشاعرة، وحاولت منذ البدء اقحامنا في تراكيبها، حيث الصورة الجوانية بكل تمزقاتها تمثل الاطار الكلي لوحدات اصغر منها حجماً، لكنها لاتقل عنها غرساً للفراغ الذي بدا لي في صورته الانية ممراً لختمة شعرية جاءت تناقض الصورة المتوحشة في ( مزّقتني)، حتى اعتقدتُ بأن الختمة قصيدة لوحدها، ففعل الارادة فيها بارز، والدافع حاضر، والهدف واضح جداً، وترويض الزفرات امر حتمي لاستكمال المشهد الوصفي الذي يمكن ان يتجاوز حد الظاهرية، ليتمثل تعاكس صوري بحيث تصبح الضفتين دائرة احتواء للوجه.




[align=center][/align]


2
النص : قصة جيبان وخمس كبسولات للأديبة فرحناز سجاد / اليمن
--------------------------------------------------------------------


النص:

أفرغ العلبة في راحته، شرّع يتأمل، أدخل يده الأخرى في جيبه، فعلق إصبعه في الخرم المحدث من الفقر في طوايا الجيب!
بعثر الكبسولات الخمس على الطاولة، وأدخل يده الأولى إلى الجيب الثاني، فضربتها صعقة باردة، قلب جيبيه إلى خارج البنطلون، وشدّهما وهو ينتفض غضباً وأسفاً!
بعد برهة عمد إلى الكرسي، جذبه إليه بقوّة، وجلس وهو يتأمل الكبسولات الخمس، ثمّ أخذ يبني بهنّ أشكالاً، تارّة سطراً وتارّة نجمة وتارّة أخرى وجه، توقّف فجأة يفكّر وبيده كبسولة، لقد اكتمل الوجه وبقيت كبسولة زائدة! قهقه باكياً محرِّكاً رأسه يمنى ويسرى كما رقّاص الساعة.
جمع الكبسولات في راحته، وبدأ يهز راحته هزّاً خفيفاً، استغرب لِمَ لـَمْ يسمع رنيناً، قرّب يده من أذنه وهو مازال يهزّها، وراح يصغي متأمّلاً، لم يسمع شيئــاً ممّـا أراد، أبعد يده وتفرّج على الكبسولات ثمّ ضمّ قبضته، تمنى لو يعصرها، توقّف فجأة! تذّكر! بسط راحته وأعاد الكبسولات برفق إلى العلبة، وأحكم إغلاقها وأخذ تنهيــــــــدة عميقة بعد أن وضع راحتيه خلف رأسه ورفع بصره إلى لا شيء!



[align=center][/align]


بدأت القصة تروج لعالمها من الوهلة الاولى وذلك من خلال العنوان، الذي جاء الى حد ما واضحاً في تكوينه وتركيبه، ومعبراً في الوقت نفسه عن الحالة التي يراد تسجيل مواقفها اثناء السرد، ولعل هذا ما جعل القصة تعيش في اطارها المحدود الذي يجب ان يكون محدودا في نطاق المنطق او الحالة التي تفرضها موضوعها، وهذا ما جعلت الساردة توظف تعابيرها الدقيقة لوصف الحالة الذاتية او لنقل موضوعية الحالة بلغة وصفية استندت على المشهدية بالدرجة الاساس، متكأةً على اداء لغوي يفسح المجال امام المتلقي لاستحضارات ذهنية يمكن توظيفها لاستكمال المشهد لديه، فالفعل الماضي الذي بنت السارد نصها عليه جاء موفقاً في استنفار ذاكرة المتلقي من جهة، وكذلك في تحديد وتوجيه المشهدية من جهة اخرى، وسنلاحظ هذا من خلال البداية التي بدأتها الساردة ب( أفرغ) فالامر قد تم بالفعل هنا، لانه انتهى من التفريغ، لكن الحدث بوصفه حالة مستمرة يعلنا نعيشها معه، لأن ( يتأمل) جاءت هنا تستكمل الحدث وتبرهن عل استمرارية سواء عل المتسوى الحدثي او الوصفي، مما ابرز قيمة العمل بكونه يحاكي المتلقي في صيرورته.
لقد استندت الساردة على عدة اشياء من اجل تركيب حدثها القائم بذاته، والذي يمكن ان يعمم بشكل اخر وعل نطاق اوسع من الذات/ الفردية، ولعل ابرز ما استعانت به الساردة كان (الكبسولات) مع عددية يمكن تجاوزها او امكانية القول بانها جاءت ضمن اطار داخلي خاص بالساردة وله مدلوله الخاص بها، والركيزة الاخرى التي ساهمت في تركيب الحدث ( اليد) و(الجيب) باعتبارهما عنصرين مهمين في استكمال المشهد الدرامي، حيث يبثان الحركية في المشهد، اما نتيج الحركية هذه فكانت لغة الساردة الوصفية كفيلة بنقل التفاصيل الينا بشكل متوازي مع الحالة/ الحدث نفسه.
اتى الحدث/ الحالة بصورة اشبه بمشهد درامي ضمن سلسلة طويلة من الاحداث، وكأن الساردة تعمدت اقتصاص هذا المشهد دون غيره، لتعبر عن حالة ومشهد يتكرر في اغلب المشاهد الدرامية، وابرزت فيه الزمنية كقوة فاعلة في سير الحدث، وعاملاً مؤثراً في التحولات الداخلية التي تصفع بطلها، وعلى مكانية ربما تتسع افقياً وتشمل اقاصي بعيدة ايضاً، وهذا ما احال الساردة الى القيام بتورية لكي لاتفضح مدلولها بشكل علني، وانما تجعل المتلقي يتأمل كما يفعل بطلها منذ البداية، فالتأمل هنا مفتاح لفك اية عقدة سردية في هذا المشهد المكرر يومياً، وجاءت التورية من خلال الاشكال التي يحاول البطل ان يبنيها، ولاحظوا عي دقة التعبير هنا، حيث جاء البناء بدل الرسم، كدلالة واضحة على التجسيم الذي يجعل الحدث حركياً بصورة واضحة، ولعل الوصف الدقيق لحركة الرأس يثبت امرين هامين: الاول اهمية التوظيف اللغوي في النص، والثاني قيمة الادوات السردية التي تمتلكها الساردة في توظيف فكرها من اجل خلق توازن بين ماترمي اليه من خلال المشهدية هذه، والواقع العياني الذي تريد ان ترسم ملامحه لنا كمشكلة اجتماعية يمكن ان تتحول تدريجياً الى كابوس من صنف اخر بحيث يبدأ الانسان يقضي عل نفسه بنفسه، كما يحدث في مجتمعات كثيرة.
وهكذا نلاحظ تحول الحالة/ الحدث من تأملات تستفز الجواني من البطل، الى انفعالات ظاهرة، ومؤثرة في حالته النفسية، بحيث تصدر منه افعال/ حركات يمكن استقراء جوانيته من خلالها، مع استمرار حالة التأمل، ولعل مفاد التأمل هنا هو الوصول الى ذروة الانفعال الجواني، الذي يهر بشكل واضح حركة البطل لاثبات امر ما، ويتحول فشله الى غضب، وتظهر علامات الغضب في قبضته، ولعل التحول الابرز في الحالة/ الحدث هنا كان في نفسية البطل نفسه، الذي وجدته في ثورة غضبه يلجأ الى الاماني، مما يعلنا امام حالة ليست منفردة، انما الكبسولات التي بيده هي مرتبطة ارتباط وثيق بحالة اخرى تنتظرها، وتستمر بها، وتستمد منها بقائها، و( تذكر) تفسر الامر على هذا النحو، ويمكن اعتبار هذا التحول السريع امراً طبيعياً لأن الانسان كطبيعة يتنازل عن غضبه بسرعة، لكن الامر يختلف بعض الشيء هنا لكونه في حوار ذاتي وعلى طاولة لوحده، لذا فانه يتطب ارادة اقوى، وعلى هذا المنحى اصبح وضه نهاية للمشهد ضرورة، ولم تخيب الساردة ظن المتلقي في الختمة، بل جاءت ممكنة للقص، فالقفلة كانت بحجم الحدث نفسه، فاللاشيء يعبر عن الحالة/ الحدث، ولعله نتيجة التأمل، وبمعنى اخر النتيجة الحتمية التي تسير اليها الامور كلها في النهاية.



[align=center][/align]

3
النص : أغْنِيّةٌ للـــــــــشّمسِ الشاعرة سكينة المرابط / المغرب
--------------------------------------------------------------

/1/
أَمسكتُ قُطرِيَ المستدير
أجَدِّدُ بهِ بوصلةَ التشظِّي
إلى حيث لا أعرف..
كم لونا صرتُ...
/2/
تتنجّم جرمُ السّماءِ أنَّ...
وحدك قد بَلَعـْت تفاحةَ الآدمِ
/3/
أَغْرقَتْني حيرةُ التَّرصيفِ...
سَأُجَهِّـزُأغنيَّةًَ للشمس...
ترقبنا بعد أن جفاها الضياء

[align=center][/align]


اغنية للشمس
لماذا للشمس سؤال هو اول ما يتبادر الى الذهن عندما نقرأ هذا النص المتشظي لغة ايحاءً وصوراً، ولعل الجواب لن يكون مفعماً بحيوية العنوان اذا لم نتكلف عناء الغوص فيما وراء الكلم في النص.
/1/
أَمسكتُ قُطرِيَ المستدير
أجَدِّدُ بهِ بوصلةَ التشظِّي
إلى حيث لا أعرف..
كم لونا صرتُ...
بين الامساك وكم مساحة غير مرئية، لكنها ليست مستحلية، لأنها نبدأ بالذات( امسكتُ) حيث تاء الفاعل هنا علامة لحضور الذات الشاعرة بصورة مكثفة، ويؤكد حضورها (أجدد) ويكمل حلقة الحضور (صرت)، حيث من خلال هذه الكلمات نستقصي المدلولات المعنية بأن المحور الذي يدور حوله الشمس هنا ليس الا قطراً معلوماً واحداً يمثل بالذات الشاعرة، التي من محورية الشمس تستلهم معانيها لتعبر عن الحالة الذاتية النفسية التي تعيشها، ولعل التشتيت الظاهر من خلال كم لونا صرت يوضح لنا ما هي عليه.
/2/
تتنجّم جرمُ السّماءِ أنَّ...
وحدك قد بَلَعـْت تفاحةَ الآدمِ
هذا البلوغ يمثل اعتراف خطير من الشاعرة، فالتفاحة محصنة لايمكن الوصول الى اراضيها الا من خلال جملة استدراكات ومحطات وربما اروقة ومكاتب وجواز سفر، واذا ما كان الوصول قد اتى جراء التنجيم كمنتيجة حتمية فانه هنا يحمل دلالات جانبية، لكن الواضح في الامر، انه ليست نتيجة التنجيم، انما الجرم هنا شاهدة على الوصول مما يعني الاتحاد الثنائي بين الذاتين روحا وجسداً بحيث تصبح التفاحة ممكنة.
/3/
أَغْرقَتْني حيرةُ التَّرصيفِ...
سَأُجَهِّـزُ أغنيَّةًَ للشمس...
ترقبنا بعد أن جفاها الضياء
حالة من الترقب يعبر عنها السين في (سأجهز) التي تحيلنا الى الاتي والممكن ضمن تعددية للتأويل ايضاً، لكن المعبر والشفيف هنا هو عدم الوقوع في اليأس المطلق رغم ضخامة الصورة التي تبرز من خلال الجفاء، الرؤى الناتجة من خلال المقاطع الثلاث تمنطق ماهية العنوان، اغنية للشمس، وتجعلنا امام معجم غني بانسيابية لغة وروعة تصوير .

[align=center][/align]

4
النص : شقوق نهر مسن للشاعرة ميسون الارياني / اليمن
---------------------------------------------------------


شقوق نهر مسن

ستقص للفرح المؤجل حلمنا
وتقدّ في الأطيار خاتمة الذين تسربوا
بالطهر في دمنا
,تؤبن زهرة الطاغوت مملكة
تضم سديمها بالعشق
_ نفضح شجوها بالخوف والرقيا_
الريح يا أماه فاتنة تشد وثاقنا الأزلي
بالمطر المسجى في الضياع
والورد يا أماه محرقتي
وذاكرة تباكت في الجنان السمر
تطبع بالجوى الإنسان
والسرمد المطوي يا أبتي
بقايا من صدى رئتي
وشمس تشتهي غسقا يلملم قلبي المكسو بالنسيان
والباب ينكروجهة الموتى
يهز أيائل اللحظات
بالتوراة.
يعبق زهونا,
فنعود للقدر العتيق لنصطلي
بالحزن
دون أهلة للارز
تسعف ظلنا المنسي,
تؤوي موتنا
للضوء!


تبرز الصورة الشعرية المتوحشة من خلال العنوان ، وهذا التوظيف اللغوي المعبر عن مدى التصدع الحاصل في الذات الشاعرة ، بحيث تستعين ب(شقوق ) لتبدأ به نصها ، ومن ثم ترفقه ب (نهر ) كتعبير عن الاستمرارية والحيوية ، الذي دائما ما يتأثر بفعل الطبيعة ، وتقلباتها ، وعلى ما يبدو ان الشاعرة ادركت ماهية الفعل هذا ، فاوحت بالزمنية كعلة أساسية للفعل الأول الحاصل .

ستقص للفرح المؤجل حلمنا
وتقدّ في الأطيار خاتمة الذين تسربوا
بالطهر في دمنا
تؤبن زهرة الطاغوت مملكة
تضم سديمها بالعشق
_ نفضح شجوها بالخوف والرقيا_



السين حرف تنفيس للمستقبل القريب ، لكونه تنفس في الزمان فيصير الفعل المضارع مستقبلا بعد احتماله للحال والاستقبال ، وهنا نرى شاعرتنا تستعين بأمرين فعالين في مدخل القصيدة ، الفعل المضارع المسبوق بالسين ، كدلالة واضحة على الزمنية الحاضرة وبقوة منذ الوهلة الاولى في النص ، هذه الزمنية تتمثل بالآنية القائمة جراء تأثير الفعل المسبق والتارك اثره والمؤدي الى ردة الفعل من جهة ، وكذلك المستقبلية المفعمة بالحضور الذهني في النص من جهة ثانية والتي تمثلت أولا باستخدام حرف السين ، ومن ثم الحلم المؤجل المعبر بوضوح عن الاتي ، واستكمالا لعقد المستقبلية هذه التجأت الشاعرة الى مداليل تحمل في سياقها تعددية الإيحاء ، فجاءت اللغة هنا مكلمة للبلاغة التصويرية المستفزة ، فاحالتنا الى ثنائية رائعة في مشهدها الاخير ، بحيث رغم توحش المعاني الا انها توحي بالكثير من التماثل الوجودي ، المتمثل بالفرد ضمن اجتماع ، وهذا الاخير محفور ضمن ذاكرة مليئة بالخوف والتوجس ، وكأني بالشاعرة تحاول حفر واقعها / الارضي / الترابي ضمن سياق تسلسلي تاريخي لتبرز الحال وما قد تؤول اليه .

الريح يا أماه فاتنة تشد وثاقنا الأزلي
بالمطر المسجى في الضياع
والورد يا أماه محرقتي
وذاكرة تباكت في الجنان السمر
تطبع بالجوى الإنسان


هذا الحضور المكثف للذات الشاعرة في النص ، خلق محاكاة رهيبة بين الكلمة والذات نفسها ، فكأننا في التحام وامتشاق تام بينهما بحيث تصير الكلمة الشاعرة ، والشاعرة الكلمة ، وهذا ما يفسر هذا الحضور المكثف للذات في النص ، الريح التي سبقت النداء تفيد امرين مهمين يجب التوقف عندهما ان اردنا تفكيك النص ، الاول كونها تمحل دلالات مفيضة يمكن تأويلها حسب الظرفية التي كتبت الشاعرة فيها النص ، وهذا ما يعبر به عن الجواني ، وللريح على المدى البعيد دلالة استمرارية وكسر للحواجز ، والثاني كون الريح جاء مقترنا بالنداء ، وهذا الاقتران جاء وفق رؤية تكاملية وليس من حيث التوجيه ، أي ان النداء ليس موجها للريح ، انما ما وجه اليه النداء كان الهدف منه ايصال فكرة الريح وماهيته اليها ، وهنا لم تجد الشاعرة غير الام كمحور يتشكل حوله ماهية الفعل الذي يترك اثره جراء الريح ، ولهذا نجد افعالا تظهر لنا الحالة النفسية والذاتية للشاعرة نفسها ، وكأن القيدية والحتمية هما يمثلان واقعها الملحوظ ، فاحالتها الى الضياع ، حتى لم يعد الورد نفسه يمثل لها غير محرقة تضاف الى محارق شد الوثاق والضياع ، وهنا نرى بأن الشاعرة التجأت الى اللاوعي والذاكرة من اجل سبر اغوار الزمنية الكاملة في الماضي والحاضر والمستقبل ، وجميعها تحمل تواتراً مليئا بالقسوة والتوحش الوجودي الانساني .

والسرمد المطوي يا أبتي
بقايا من صدى رئتي
وشمس تشتهي غسقا يلملم قلبي المكسو بالنسيان
والباب ينكر وجهة الموتى
يهز أيائل اللحظات
بالتوراة.


الواو في المقطع هذا يحفر على تعددية التأويل ، وذلك من خلال الايحاء بالاستنئافية في البداية ، لكونها مهدت لنداء اخر ، وجِه هذه المرة للأب ، ضمن اطار زمني حتمي ، وصفت بلغة مثلت الذات الشاعرة في تكوينها الزمكاني الحال ، مستعينة بالواو نفسها لعطف الحالة على البراني المتمثل بالمسبب في الحال ، وفي هذا دهاء من الشاعرة ، بحيث تجبرنا على التقصي ضمن اطار تاريخي عميق من اجل الوقوف على مسببات الحال وموجباتها في آن واحد .


يعبق زهونا,
فنعود للقدر العتيق لنصطلي
بالحزن
دون أهلة للارز
تسعف ظلنا المنسي,
تؤوي موتنا
للضوء!


هذا اليأس المطلق الذي وقعت الشاعرة فيه ، بلاشك لم يأتي من فراغ ، ولم اشأ ان ادخل الاسماء والتكوينات الاجتماعية والقابها ضمن اطار الرؤية هذه ، لكوني اردت منذ البدء تجنب الاحالة الى مصدر دون الاخر ، لأن ما وصلت اليه نفسية الشاعرة ، من خلال رسمها البياني اللغوي ، يفضح البراني اكثر ما يعيق اندماج الجواني بالحدث القائم نفسه ، وفي هذا ايحاء واضح الى المستقبلية الاتية ، وماهيتها ، والى التركيبة النفسية التي ننتمي اليها ، فالقدرية التي نحيل اليها كل امورنا من جهة ، ومن ثم ملكة النسيان التي نملكها ، يجعلان منا عرضة لكل اهتزازات الكون ، والموت انما تعبير مجازي لِمَ نحن عليه ، وهو مباشر لِما سنؤول اليه ، حتى وان بزغ الشمس لاكثر من مرة في موعدها .

[align=center][/align]

5
النص : دعوة حارة للشاعرة رجاء جابر / الأردن
------------------------------------------------


دعوة حارة
دافئة الروح توهجي... بعد آن يمر الليل وينقضي
هدهدي شعرك طيراً على كتفي..
اطرحي الأرق وترقبي
لا تبحثي عن حطبٍ.. هاك قلبي ويدي

لا تلاحقي اللهيب في مقلتيّ.. أعلني أنوثتك عليّ وتمردي

تجددي

تجددي

فالقلب في استعار.. لا تطفئيه
لا تحرقي شمعه
احذري رعونته
الطفل فيّ لا توقظي


في جعبتي حكاية...
فافرغي مللك وتعالي الساعة الى موعدي
قدومك الحكاية...
فألقي عنك الخوف... وتمددي
إن غبت عني الأمس.. انتظرك كالربيع في غدي
أريحي القلب المتعب..
اسكنيه... لا تترددي


أليس العنوان باب مفتوح هنا للولوج في غياهب الروح التي استقت الشاعرة نصها منها ، دعوة / ليس بتلميح هنــا انما كلمة صريحة ومباشرة لاتحتمل الكثير من التأويل ، خاصة اننا امام كلمة اخرى ترافقها تزيد من حدتها ومباشرتها ، حارة هنا تفيض على الدعوة وجها آخرا للمعنى .

دافئة الروح توهجي... بعد آن يمر الليل وينقضي
هدهدي شعرك طيراً على كتفي
اطرحي الأرق وترقبي
لا تبحثي عن حطبٍ.. هاك قلبي ويدي


لم يخيب العنوان ظننا ، فالروح حاضرة وبقوة هنا ، والدفء / الحار ، بدوره يشكل معلما اخرا من معالمها التي لاتتوقف بانبعاث الحرارة منها فقط ، انما تخلق توهجا ، والتوهج غير الشعور بالحرارة لانه اوسع مدلولا من حيث اللغة ، وكذلك من حيث الصورة ، وهنا اللغة والصورة معا تخلقان تماهيا وجدانيا بديعا على عتبة الانتظار الزمكاني ، فالليل هائج بطبعه ، ويضيف الى هيجانه لوعة الانتظار الحاصل خلف الدالة / انقضاء ، والياء المعنية هنا والتي تعبر عن الذات الشاعرة تكثف من المعنى ، بالاخص انها في فعلين متتالين اتت ، وبعدها اصبحت رفيقة الختمة في كل سطر ، وهذا ما يحيلنا الى الذات الشاعرة اولا ، ومن ثم الى المعجم الدلالي العاطفي المستفز الذي نهلت منه الشاعرة كلماتها ، خاصة وانها موهت من خلال تبادل الادوار .

لا تلاحقي اللهيب في مقلتيّ.. أعلني أنوثتك عليّ وتمردي
تجددي
تجددي
فالقلب في استعار.. لا تطفئيه
لا تحرقي شمعه
احذري رعونته
الطفل فيّ لا توقظي


اللا هنا فعالة من حيث النهي ، والنفي في آن واحد ، فالاولى باعثة للنهي من خلال ربط المدال بالمدلول ، لا تلاحقي / الذات الاخرى حاضرة هنا ، والنهي يبدأ بربط العدمية باللهيب ، حيث في ذلك اتساع للهوة الحارقة في الوجد ، لذا يتبعها طلب ملتحف بنداء هائج بدوره ، اعلني انوثتك ، على من عليه هو .. اذا تماس وجودي ضروري لخلق عوالم اعمق من التي تتراءا للعين المجردة ، وهي نفسها باعثة للتجدد حسب النداء الظاهر ، والمضمر من النداء هو الذي يخلق لحظة الخصوبة الفذة ، واللا التي تسبق تطفيئه ليس كالسابقة لانها هنا اقل تأثيرا ، لكون الاولى تبحث في عوالم العمق الانثوي والتمردي والتجددي ، لكنها هنا اتت كطلب يمكن الاستغناء عنه اذا ما التحم الذاتين ، وهكذا نجد اللا في تكرارها كلها تنصب في خانة لو تمت الاولى لكان بالامكان الاشتغناء عنها ، لكنها هنا للضرورة الشعرية اولا ومن ثم لاستفزاز ذهن المتلقي ثانيا ، ولعل الاتيان بالذاكرة الطفولية في الختمة اضافت للنص مساحة اكبر من حجم اللغة نفسها.


في جعبتي حكاية
فافرغي مللك وتعالي الساعة الى موعدي
قدومك الحكاية..
فألقي عنك الخوف... وتمددي
إن غبت عني الأمس.. انتظرك كالربيع في غدي
أريحي القلب المتعب..
اسكنيه... لا تترددي


حرف الجر هنا تمثل بداية الغاية المرجوة ايصالها الى الاخر ، وهي تعمل على المستويين الزمني والمكاني في آن واحد ، بحيث من لابد من مرافقة لها حتى تكتمل الصورة ، خاصة وانها تمثل زمنيا اللحظة ، الانية ، وهذا ما نجده في الفعل المرافق له ، حيث جعبتي .. وتتمثل اكثر واكثر في فافرغي ..وتعالي... الساعة .. موعدي ، كلها تظهر لنا استمرارية الدال والمدلول في وفاق لفظي ومعنوي تام ، و (في) التي سبق وان قلنا بأنها تمثل بداية الغاية تكتمل في قدومها / قدومه ، لتصنع الحدث ، الذي يتوهج شيئا فشيئا ليصير في اطره الزمكانية لهفة ، تحاول انزاف النفس المترددة للوصول الى النشوة في الالتحام النهائي الصوفي الروحي .

[align=center][/align]
6
النص : سحر القوافي للشاعرة ابتسام السيد
------------------------------------------------
النص: سحر القوافي
ابتسام السيد
يسامر الريح مجدولاً بلجين المساء ستار الكلمات
يرتعش ليلي تحت قوافي النجوم
يعانق الخيال ظلي
أرميني تحت دفئها سبية ليحنو كوكبها على روحي ببضع لحظاتٍ شعرية
_
________


سحر القوافي
لماذا سحر القوافي.. ولم تكن معزوفة ليلية باذخة، وكأني بالعنوان هنا ذا قصيدية ايحائية ليجذب المتلقي الى النص، ومن ثم يبدأ النص بمضمونه في استقطاب المستلزمات الاخرى التي تبقيه ضمن دائرته.

يسامر الريح مجدولاً بلجين المساء ستار الكلمات

الفعل (يسامر) يدل على استمرارية الفعل، هذه الاستمرارية تعطينا الحق في التخيل الممكن ضمن تعددية ايحائية ممكنة ايضاً، بحيث لامطلق في التأويل، لكن مدلول الفعل ومن ثم الكيفية التي تتم بها المسامرة، هي التي تعطينا الصورة الواضحة، فالريح لاتقف وذا حركية عالية، والمساءات تدل على وحدة قاسية، وستار الكلمات انما تصعيد للفعل النفسي وتأثير المسامرة عليه.

يرتعش ليلي تحت قوافي النجوم

أ ليس من المعرف ان الفعل المضارع يهيأ النص لامر آت، او يحط بالرحال على آمال مستقبلية ممكنة او حتى متخيلة، هكذا اشعر وانا اقرأ النص، وكأن الانتظار هنا يبوح بسر الذات الشاعرة، والوحدة تفضي بها الى اقاصي ابعد غير ممكنة واقعاً، لكنها في الشعر ممكنة لان الشعر يخلق ما لايخلق، كانت القوافي هنا في هذا السطر تأكيد على تلازمية العنوان التأثيري الايحائي، لكنه لم يخرج من دائرة الليل وظل معتكفاً تحت وطأة النجوم.
يعانق الخيال ظلي


تحت قوافي النجوم، ومعانقة الخيال للظل، مرة اخرى فعل استمراري حي، وحدث جوهري يخلق صور شعرية جانبية، فالظل في الليل لايمكن ان يكون بدون قمر تتأمله الذات الشاعرة، او حتى ضوء يعطي للجسد المعتكف تحت وطأة النجوم ظلاً يعانق الخيال، ولعل مساحة التخييل هنا تتسع باتساع الرقعة الجغرافية التي تتأملها الذات الشاعرة.

أرميني تحت دفئها سبية ليحنو كوكبها على روحي ببضع لحظاتٍ شعرية

كم هي الصورة مدهشة هنا، ف( أرميني) تمنطق الحالة النفسية التي وصلت اليها الشاعرة، وربما التأثيرية القائمة في النفس، بحيث توظف الشاعرة مفردة( أرميني) كفعل ارادي ممكن، على الرغم من ادراكها بامكانية تأويل الكلمة في نسق مخالف للرؤية الممكنة والمنشودة، لكنها الجرأة الفعلية والمعجمية التي يتسلح بها الشاعرة، وكل هذا من اجل منشود قائم فيها، وهو منشود ممكن لكونه خلق هذه الومضة الشعرية الرائعة.







 
/
موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:15 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط