|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
16-03-2015, 08:45 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
مادونا
مادونا
مادونا أو الوجه المظلم للمدينة، تتنزه بغير وجهة تريدها، تبحث عن أشياء كثيرة لا تعرفها، هي تدرك أنها سقطت ذات غفلة منها، ذات سعادة خادعة تحولت بسرعة لحقل أحزان شائكة، الأيام عندها واحدة والساعات هي مجرد شموع تحترق بسرعة مبالغ فيها.. تتسكع في الأزقة، تتجول بخطوات أرهقها الزمن، أحيانا تستقل الباصات للتنقل نحو أية جهة ممكنة، وكثيرا ما كانت تثور في وجه المارة بالشتائم بمجرد أن يمازحها بعض الذين يحبون أن يضيفوا لحياة المرهقين؛ جرعة من البؤس، فلو كانت رجلا لكان الناس يتحاشون مواجهته مثل "سيطوف"، فقد كانت المدينة تعيش رعبا بمجرد أن يمر في أي زقاق من أزقتها التي صممت لتختنق فيها الأرواح، يهرول بخطوات واسعة ويساعده في ذلك طول قامته، يتوقف فجأة وكأنه أنهى مرحلة معينة، ثم ينحني نحو رجليه وهو يمرر يديه بين ساقيه وكأنه يمرر الجنون نحو يد أخرى، وربما هو يقلب الحزن نحو جهة مغايرة، وأحيانا تدوي صفعته في وجه أي فرسية قريبة منه.. مادونا هي جرح الأنثى الأبدي، يسكن في المدينة منذ ولادة البشر، هي موعد الخيانة التي تحملت وحدها تبعيتها، تقترب بسرعة نحو الموت، كيف يكون وجه المدينة بدونها، حتما سنجد وسيلة؛ لنصنع مادونا أخرى، ولكننا سنصممها هذه المرة مثل آلة تلبي رغباتنا فقط، وستكون سعيدة جدا، لكي لا نتحمل الذنب يوميا.. كانت تجلس على المقاعد الخلفية للباص، وعيناها تنظران نحو شيء لا نراه، وكأنها كانت غارقة في ركام أحلامها، تراقب بحزن قاتل النوافذ، وهي تسأل نفسها، لماذا لا يكون لي نافذة أطل منها على الحياة بسعادة؟ أمن الصعب أن أنتظر رجلا كل مساء؟ وهو قادم بعين متشوقة لضمي؟ كيف يمكن لرجل واحد أن يدمرني؟ وكيف يمكنه أن يدمر قبيلة من النساء؟ وكيف أعجز عن إزعاج رجل واحد؟ نزلت دمعة حاولت إجهاضها بسرعة مثلما أجهض حلمها، هي لا تريد البكاء، لأنه يسحبها نحو باطن الأرض، جاهدت بقوة كي لا تنزل الدموع، ولكن النساء صنعت من ماء مالح، تنفجر الدموع، هذه المرة لم تمنع خروجها وكأنها أرادت أن تتخلص منها دفعة واحدة.. الدمعة الأولى كانت مذلة مثل العار الأول، والباقية كانت جميعها تتحدث عما قابلها به هذا المجتمع؛ الذي يدعي الإنسانية دون وجه حق. مرة كانت تمشي في السوق و بطنها منتفخ، حاول أحد الحمقى أن يسخر منها وبذلك يحقق متعة الشهرة بين أصدقائه: -ابن من هذا؟ -إسأل أختك، قد يكون ابنها يصرخ الآن من أبي؟... اقترب منها أحد السكارى، و هو معروف بين الناس بمهنة القوادة، تأبط ذراعها واختفى معها نحو جهة غير معروفة، لتعود في اليوم الموالي وهي منبسطة البطن وكأن صاحب الفضيحة تخلص من حمولته. تغرق أكثر في مؤخرة الحافلة، تلامس الزجاج بكفها المتعب، تحاول بقوة أن تستدرج الفرح بملمس الزجاج المتألق بنور الشمس، تغمض عينيها وهي تعلن رحلة في الماضي، تسمع صوتا صادرا من زمن بعيد: -أحبك؟ كلمة تشتاقها وتبحث عنها منذ الولادة، كلمة من الصعب العثور عليها بين حطام الجمال في وجهها.. -كم أنت جميلة ومشرقة؟ تنهدت بعمق، وابتعلت الطعم، دائما تصطاد الفرائس بالمتعة والجوع، و كانت روحها جائعة، تبحث عن حب يكون وليمة طازجة، ولكنها لم تدرك أنها فراشة لم تسعفها أجنحتها الضعيفة.. -سأكون حبيبك الذي انتظرته، سأسافر معك نحو الجنة.. وأرسلها للجحيم في ليلة واحدة، الحياة تحددها اختياراتنا، في لحظة واحدة، فيمكن أن ننهار بنقرة واحدة ويمكن أن نحلق بعيدا برصاصة واحدة... كذلك كانت الرصاصة التي اقتلعت حياتها بحرارة كبيرة، تتذكر كيف رفع سرواله وكأنه يرفع يده عن جريمته، و تحملت وحدها تلك النطفة، مثل لغم تسلل بداخلها. نظرت نحو فتاة تجلس بجانب شاب يتودد إليها، وعيناه ممتلئتان شغفا ولهفة. و تحدثت بصوت حزين: -أعتقد أن هذه المدينة ليست مجبرة بصناعة مادونا أخرى، غدا ستمتلئ المدينة بألف مادونا. |
|||
16-03-2015, 11:14 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: مادونا
..
-أعتقد أن هذه المدينة ليست مجبرة بصناعة مادونا أخرى، غدا ستمتلئ المدينة بألف مادونا. نعم صحيح فالفساد يستشري كالنار في الهشيم الله المستعان اسمح لي أن اقول أبدعت رسمت لوحة معبرة عميقة بفرشاة فنان محترف شكرا على المتعة والفائدة ما قصرت دام الابداع والعطاء تحياتي |
|||
18-03-2015, 04:01 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: مادونا
ممتع أن تقرأ للمبدع، بسباس.
نص رائع. مودتي |
|||
20-03-2015, 02:02 PM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
و هل سيضئ النص دون رؤيتك الثاقبة محبتي و فرح بعودتك أيضا |
||||
20-03-2015, 02:04 PM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
الصمت لا يكون حكمة دائما خاصة في لحظة فارقة و فاصلة حيث يكون اتخاذ موقف ما أفضل من الحياد خاصة الحياد الإجتماعي رؤية حرفك هنا أسعدني و جعلني أحتضن النص أكثر و أفخر به محبتي الكبيرة أستاذي |
||||
21-03-2015, 08:02 PM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
و هي تعاطف القارئ مع مادونا... و هذا ما كنت أريده من خلال السرد و ذلك طبعا لفكرة معينة و مهمة و بالمناسبة مادونا الخاصة بي هي بنت المدينة و تسكن بها و لخلل ما في عقلها و كثير من خيبات في حياتها تحولت لشكل ما هنا ربما لم أفصح أنها مجنونة، و لكن "سيطوف" كان مقتاح التعرف على مادونا مادونا هي ضريبة يدفعها الوطن يوميا و ذلك لعدة أسباب، الخداع ...عدم توافر كمية الحب اللازمة، تضعضع البنية الأسرية، الخيانة، و سياسة تدفع بالشباب للمجون و الفسق و قل ما شئت من صنوف الإستلاب و التغريب و التدمير و التغبية ستبقى مادونا تتناسل و تنمو يوميا ما لم نقم بنشر الوعي و الثقافة عن طريق تقوية الوازع الديني الذي يضبط الحياة الإجتماعية و كما قال مالك بن نبي: نحن لا نريد أن نعلم المسلم عقيدة هو يمتلكها، و لكن نريد أن نعيد لها فعاليتها الإجتماعية (قول يتدرج في صحته) حديثك كان جميلا خاصة ما كان ينير الجانب الفني للنص و تضامنك مع مادونا يثبت القيمة الإنسانية بداخلك فشكرا كبيرة أستاذي و كامل احترامي و تقديري |
||||
22-03-2015, 11:32 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: مادونا
نص عميق متقن يدل على حكمة وذكاء صاحبة أثبته وهو يستحق دام الألق والفكر النير |
||||
24-03-2015, 09:41 PM | رقم المشاركة : 8 | |||
|
رد: مادونا
لا يحتاج الفساد لصناعة أو تفصيل
فهو ينتشر كالنار في الهشيم نص جميل البنيان والسرد عميق الفكرة هادف شكراً لك القدير بسباس عبد الرزاق تحياتي واحترامي |
|||
25-03-2015, 10:17 PM | رقم المشاركة : 9 | |||
|
رد: مادونا
الأمتع هو رؤيتك صديقي الرائع عبدالرحيم
شرف لي ما وصفتني به لك المحبة أستاذي |
|||
25-03-2015, 10:20 PM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
أعلم أستاذي أن ناقدا فذا و أديبا مقتدرا مثلك لا يمكن أن يتملص منه فكرة النص أو مراميه و لكنه حديث للتفاعل و الإقتراب لا أكثر شكرا أستاذي لعودتك الجميلة محبتي |
||||
01-04-2015, 02:42 AM | رقم المشاركة : 11 | |||
|
رد: مادونا
نص جميل ومميز كالعادة
اعجبني الإحساس المرهف والتصوير الدقيق لمشاعر الأنثى الحالمة بالحب والدفء والتي تسكن بسبب لعنة عشقية في جسد مومسٍ منبوذة ابدعت كالعادة استاذ بسباس وشكراً لاستفقادك الجميل لتواجدي في المدينة الحالمة افتقد وجودي بينكم بشدة ولكنها ظروف الحياة وإلتزاماتها وعقارب الزمن التي تعدو ولا ترحم لك مني كل الود والتقدير |
|||
03-04-2015, 02:02 PM | رقم المشاركة : 12 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
أشكرك كثيرا للقراءة و التثبيت و كل ما قلته في حق نصي المكان حقيقة هو بمثابة مدرسة لي أتعلم من كل شئ هنا من نصوص الزملاء و ملاحظاتهم حتى الكلمة الطيبة هي درس و ربما هي أجمل الدروس في الحياة تقديري الكبير و شكرا مرة ثانية |
||||
03-04-2015, 02:26 PM | رقم المشاركة : 13 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
الأستاذة الأديبة نجاة خيري شكرا لجيمل تعليقك الذي يشجع على المواصلة تقديري الكبير لحضرتك و احتراماتي |
||||
27-04-2015, 08:34 PM | رقم المشاركة : 14 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
سعيد جدا برأيك بهذا النص الذي له مكانة خاصة بقلبي تقديري الكبير و كامل احتراماتي |
||||
27-04-2015, 08:41 PM | رقم المشاركة : 15 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
و أنتظر جديدك أختي الفاضلة ردك أسعدني و هي قراءة جميلة للنص تقديري الكبير أستاذتي |
||||
08-09-2015, 08:07 PM | رقم المشاركة : 16 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
سرني أن نال النص إعجابك شكرا و تقديري الكبير |
||||
02-11-2015, 09:23 PM | رقم المشاركة : 17 | ||||
|
رد: مادونا
مرور اول للتحية وتريحب بعودة السي بسباس استاذنا الطيب
ولي عودة بحول الله لاحقا لقراءة على مهل مرحبا
|
||||
06-11-2015, 11:30 PM | رقم المشاركة : 18 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
هي مجرد نقطة ارتكازية لايصال ما أردت أتمنى أن أكون قد أوصلت الفكرة مسرور بقرائتك و رأيك محبتي أستاذي |
||||
06-11-2015, 11:32 PM | رقم المشاركة : 19 | ||||
|
رد: مادونا
اقتباس:
وما منعني إلا قلة حيلتي سأنتظر عودتك وتشريفك النص برؤيتك الثاقبة تقديري استاذتي |
||||
25-11-2023, 10:29 AM | رقم المشاركة : 20 | ||||
|
رد: مادونا
مادونا..
لوحة من إبداع أبكتني تفاصيلها الوجدانية، والوانها الضبابية ومادونا لوحة من الوجع العظيم، تفضح واقع المدينة / العالم أعيدها للضوء ليقرأ الحاضر والمار ما تفعله المدينة تحية لأديب مبدع لا يتوقف قلمه عن وصف الوجع الإنساني، وفضح الجبروت الإنساني كذلك المبدع القدير بسباس عبد الرزاق تحية وتقدير
|
||||
|
|
|