تناقض الحياة

[عبدالله النوفلي]

التناقض في الحياة

كثيرا ما نسمع أن الحياة حلوة وأن جمال الحياة لا يمكن أن يضاهيه أي جمال آخر، وأن هذا الإنسان قضى نحبه سريعا ولم يشبع من الحياة، وآخر عاش طويلا وشبع منها، عموما يقول عامة الناس أن الحياة لا يمكن أن يُشبع منها ولا يَشبع منها أي إنسان!! لكن كيف وما هو أكسيرها الذي يجعل من الكل متعلقا بها، يحبها ويتمنى لها الاستمرار ويتمنى لنفسه البقاء فيها متشبثا، يأبى أن يفارقها رغم ما تجني عليه الأيام وما يخسر من شبابه وعمره وقوته ونشاطه من خلالها حتى يصل الإنسان إلى أرذل العمر، تخونه قوته، تخور قواه، يفقد الرؤيا والسمع أحيانا كما قد يفقد عقله ولا يتمكن من أعادة ذاكرته إلى الوراء، إنها جملة من التساؤلات لحالات واقعية نتقاسم أحداثها وتتوارد على خواطرنا علامات الاستفهام التي قد نعرف لها حلا أو تبقى مبهمة كسرّ من أسرار الخالق جلّت قدرته.
والإنسان هو بطل هذه الحياة وكاتب أحداثها وهو الذي يضع الخطوط العريضة لمسيرة الأحداث فيها، يطوّعها أحيانا كيفما يشاء، وأخرى تطوعه هي بل تطحنه ولا يقوى على عمل شيء ويصبح عاجزا خائر القوى، ولكل هذا وذاك أسبابه ومبرراته قد نستفاد منها نحن الذين نراقب الأحداث وقد تفوت هكذا خلسة لا يعلم بها إنسان لنخسر خبرة جديدة لإهمال معين!!
والحياة ممكن أن نطلق عليها أسماء ومسميات كثيرة حسب الجانب الذي نكتب فيه؛ فهي مدرسة وهي مسرح وجنة وهي جهنم كما هي السعادة التي ما بعدها سعادة، وأيضا هي الشقاء والعذاب و... فهي كخلاصة كنز متنوع ممكن للجميع أن يغرف منه ما يشاء، وحسب إرادته وقدرته وتصميمه. فمن هو طالب في مدرستها يتوجب عليه الاجتهاد والإستزادة من العلم لكي يقوى عوده ويتعلم خفاياها وأسرارها ليقاوم الموجات المختلفة التي تعيق حركته ونشاطه ويصبح حكيما عالما بل مرجعا للآخرين. ومن يعتبرها كشرّ لا بد منه يصبح ممثلا هامشيا فيها لا دور فعال يؤديه ولا تأثير حقيقي يحققه حتى يسقط تحت عجلاتها وتحطمه ويخسر كل حياته أو يصبح معوقا لا وعي له ولا حول أو قوة يستخدمها كمعين له في القادم من أيامه. وهي جنة لمن يستطيع ترتيب أوضاعه فيها ويجعل منها مصدرا للفرح والخير والعلاقات الاجتماعية الصحيحة المبنية على الاحترام المتبادل وتبادل أواصر صحيحة مع أخوته البشر. وهي النار لمن يأخذ موقع النقيض والأناني الذي لا يحب سوى نفسه ويخسر الآخرين وحبهم بل يكسب منهم اللعنة والكراهية بسبب تصرفاته التي لا يعرف منها السبيل السوي ويسلك طريق الشر أو ظلم الآخرين.
فالحياة إذن هي ملأى بالتناقضات وليس بسببها بل بسبب الذين يظهرون على مسرح أحداثها، فنحن نجعلها هكذا ونحن نرسم ملامحها ونسطّر ما يجري أو ما سيجري من أحداث على أديمها، ولكن الكثير منا عند فشله يحاول ألصاق تهمة الفشل بغيره وبالأحداث وبالذين معه في زمنه ومكانه، ونزكي أنفسنا ونحاول تقمص الصورة المزيفة البعيدة عن الحقيقة.
فتناقض الحياة هو تناقضنا والعُقد التي تلتصق بنا هي التي تحدد مسار الحياة التي تخصنا والتربية الجيدة أيضا توجه الحياة نحو الطريق الجيد، ومن ثمارهم تعرفونهم، فلا يمكن للشوك أن ينتج سوى شوكا، وللحنطة سوى حنطة، ... فما نزرعه أياه نحصد، وعلينا التحلي بالحكمة وتحمل المسؤولية لكي لا نلعن أحدا، لأن في النتيجة واجب اللعنة هو أنفسنا كما أن واجب المدح في الحالة الإيجابية هو الشخص ذاته، فعلى ذوي العقول النيرة الاختيار السليم ولمن يُسلب منه عقله هو الاختيار الخاطيء، والحكيم عندما يُسأل عن رغبته، يكون أن يمنحه الله العقل السليم والقدرة على صنع الحكمة واقتنائها لأنهما هما المصدران السليمان للحياة الإيجابية وفقدانهما يقود إلى الحياة السلبية والآخرين الذين هم بين بين لا يحصلون منها سوى على قدر اجتهادهم، مع اجمل الأمنيات للجميع لكي يكونوا من الفئة الأولى.


عبدالله النوفلي

[سلام الباسل]

تناقضات الحياة وتناقضات مخلوقات الحياة
فهناك نفوس تستطيع ان تخلق من كل شيء سعادة
ونفوس تستطيع ان تخلق من كل شيء شقاء
فلا يفرحون بما اوتوا ولو كثيراً
ولا ينعمون بما نالوا ولو عظيماً
هذا التوازن الذي يجعل حياتنا
ما بين مدّ وجزر
أخي عبد الله
بحق مواضيعك مميزة
تحمل الفائدة المنشودة
لك تحياتي
ودمت

[عبدالله النوفلي]

[overline]شكرا لك ولملاحظاتك أختي سلام الباسل[/overline]